اخبار

الأحد، ٢٧ فبراير ٢٠١١

عن الثورة.. والثوَّار الجدد!


عندما قامت ثورة يوليو وتمكن الضباط الأحرار من فرض سيطرتهم على البلاد وخلع الملك فاروق من عرشه، دارت الأيام لينقشع غبار الثورة عن فساد أشد، وظلم أفدح، وعندها قالت الراقصة تحية كاريوكا قولتها الشهيرة "كان لدينا فاروق فأصبح عندنا فواريق".. واليوم بعد أن نجحت ثورة 25 يناير الشريفة المجيدة ورأيت ما حدث خلالها، وجدت جملة واحدة تنطبق على ما يحدث وهى: "كان عندنا مبارك، فأصبح عندنا مباركون"!!

بداية دعونا نتفق على سعادتنا وتأييدنا وفخرنا لقيام هذه الثورة المجيدة التى أعادت لمصر ما ضاع منها خلال سنوات قبعت خلالها تحت حكم مستبد فاسد لا يستمع إلا لصوته ولا يؤمن إلا بمعتنقيه، ودعونا فى البداية أيضا ننحنى احتراما وإجلالا لهؤلاء الشهداء الأطهار الذين روت دماءهم أرض مصر لتنبت عهدا جديدا "مأمولا" من الحرية والكرامة.. ولكن مع كل هذه التضحيات والمميزات، كان لابد أن ألقى الضوء على بعض ما آلمنى فى هذه الثورة وما تلاها من أحداث ومواقف من (بعض) الشباب الثائر.

كان أول ما آلمنى هو لهجة التخوين التى سادت بين الشعب، فقد انقسم الشعب إلى قسمين: واحد يقتنع بأن الثورة هى السبيل إلى التغيير ويجب الاستمرار إلى نهايتها لحين تحقيق مآربها، والآخر يرى حتمية التوقف وعدم العبث بأمن البلاد أكثر من ذلك والتقاط الأنفاس حتى نرى ثمار ما زرعناه فى الثورة رأى العين، وبدلا من أن يتحول الأمر إلى مناقشات جادة وعقلانية بين طرفين يؤمن كلاهما بحتمية التغيير وكراهية النظام السابق الفاسد، تحول إلى حرب صارخة صادمة سلاحها التخوين ورأس مالها دماء الشهداء، فمن لم يذهب إلى ميدان التحرير فهو خائن للوطن ارتضى الذل من آل مبارك، ومن ذهب إلى الميدان حتى ولو على سبيل "الفرجة" والتصوير مع الدبابات فهو مناضل ابن عم جيفارا.. كل هذا دون لمحة من تفكير، حتى كاتب هذه السطور عندما طالب الثوار بتفويض أحدهم للتفاوض مع الحكومة وعرض المطالب بدلا من المكوث فى الميدان إلى ما لانهاية (كان هذا قبل موقعة الجمل بدقائق وكان هذا رأيى قبلها) كان الرد الفورى هو مطالبة أحدهم لكل القراء بمقاطعة الكاتب دون حتى أن يناقش أو يعترض، وكان رد إحداهن هو اتهامى بالجهل وعدم متابعة الأمور والتفريط فى دم الشهداء، وأننى لو كنت متابعا لعرفت أنهم فوضوا وائل غنيم بالفعل، على الرغم من أنه كان معتقلا وقتها أساسا، وكان هذا بالنسبة لى مستغربا للغاية، فإذا كانت الثورة ستأتى بنظام لا يقبل اختلافا لرأى ولا مناقشة مع أحد، فما الجديد فى هذا النظام عن سابقه إذا استثنينا اختلاف الوجوه؟

ولهذا واعتمادا على أن كل من مع الثورة هو فلة شمعة منورة، وكل من يختلف مع أى جزء من جزئياتها هو قريب ونسيب عائلات إيلى كوهين، انتشر ركوب الموجة وانتشر المناضلون فى طول البلاد وعرضها، وصار التعامل مع الشخص بالقطعة وليس كمجمل أفكار، فإذا كان مع الثورة فهو رمز الوطنية الخالصة دون أخطاء، وإذا كان مختلفا ولو مع جزء صغير مع جزئيات الثورة كان شيطانا مريدا، ولهذا نجد التغاضى عن 9 مليون جنيه يتقاضاها محمود سعد _مع احترامى له_ من التليفزيون لمجرد أنه مع شباب الثورة رغم حساسيتنا الشديدة المعروفة من قبل لكل من يتعاطى هذه الأصفار (إذا قلت لى إن هذا الرقم غير حقيقى فما دليلك على أن 70 مليار دولار هو ثروة مبارك الحقيقية؟)، ونجد الهجوم على محمد صبحى _مع احترامى له_ لمجرد أنه أشاد بالثورة ولكنه طالب الجميع بإعطاء الفرصة للحكومة لتحقيق مطالب الثورة، وتحول فى لحظة إلى مشخصاتى ومنافق، رغم إشادتنا بفنه وثقافته وحبه لوطنه فى عشرات المواقف السابقة، حتى إننى أظن أن "فيفى عبده" لو خرجت تحيى شباب الثورة وتبارك ثورتهم لمدحها الجميع باعتبارها رمز الوفاء والأصالة ولقلنا "ياجماعة دى فنانة محترمة طول عمرها، وبتعمل مائدة رحمن كل سنة)!!

ونتيجة لهذا أيضا وركوبا للموجة صار الفنان المغمور الذى كنا لا نطيقه هو فنان الثورة، وصار الكاتب المائع الذى لا يمتلك موقفا سوى كتابة (الاستيتس) على الفيس بوك هو كاتب الثورة، وصار الشاعر الصاعد الذى لا يستطيع كتابة بيتين صحيحين بالفصحى والذى أعلن قبل ذلك سعادته بالحرية داخل بلده ودليله على ذلك قصائده التى كتبها بالاتفاق مع أمن الدولة، هو رمز لشباب الثورة وشاعر الثورة، (ألا يذكرك ذلك بقول أحمد عز عن جمال مبارك إنه مفجر ثورة تطوير الحزب؟) وصارت هناك قائمة سوداء للثورة وقائمة بيضاء للثورة، وقائمة بمبى للثورة، وصار هناك مجلس أمناء للثورة ومجلس قيادة للثورة، وفرحت برامج التوك شو بالرزق الذى أنزله الله عليهم من غير حول منهم ولا قوة فتسابقت البرامج لاستضافة عدد من الشباب يحكى كل منهم ذكرياته كواحد من المتحدثين عن الثورة، أو مراسل للثورة، دون أن يعى هؤلاء أن مصدر قوة هذه الثورة أنها بلا قائد وأنها مكونة من الشعب المصرى كله وسر قوتها أن تبقى على ما هى عليه دون مزايدات ولا بطولات زائفة، ورئيس التحرير الذى كان قبل ذلك على طائرة مبارك أصبح بين يوم وليلة عدوه والمتشفى فيه، والإعلامى الذى كان الحزب الوطنى قرة عينه ومهجة قلبه أصبح "يشوف العمى ولا يشوف شعاره".. وصار هناك استحواذ من الشباب على الثورة على أنها ثورتهم فقط وليست ثورة للشعب كله، باعتبار أنهم أول من نزلوا إلى الشوارع، وكأن الذين خرجوا فى ثورة 19 هم نزلاء دور المسنين، أو كأن الذى قاد ثورة يوليو هو لواء متقاعد على المعاش جمال عبد الناصر!

هناك من أصدقائى من شارك فى المظاهرات من بدايتها وسقطت عليه قنابل الغاز ومنهم من أصيب بالرصاص الحى ومنهم من أصيب إصابات مزمنة ورغم ذلك لم يكتب أحدهم عن معاناته وعن موقفه ولم يزايد على مافعله لوطنه ولم يذكر أنه ذهب للتحرير أساسا، بل إن بعض هؤلاء لم يَسْلموا من سباب مناضلى الكيبورد أحيانا وصمتوا، لأنهم أرادوا أن يكون موقفهم على أرض الواقع وليس عبر تكتكات الكيبورد، أراد كل منهم أن يقدم شيئا لوطنه دون جعجعة بلا طحين، وعلى الجانب الآخر، من أصدقائى أيضا من كان يسجل "حضور وانصراف" على الفيس بوك قائلا: أنا رايح التحرير.. أنا جاى من التحرير.. أنا دلوقتى داخل حمام التحرير.. وكأن الذين ناضلوا بحق فى السويس والمنصورة والاسكندرية أو حتى فى مناطق أخرى فى القاهرة أو غيرها هم أنصاف مناضلين وبقايا شرفاء.. وكأن الذين سهروا يحملون الرعب ويلتحفون بالفزع والجزع أمام بيوتهم لحمايتها ليسوا رجالا، وكأن الذين احتضنوا أولادهم ونساءهم فى أيام تعالت فيها اصوات الرصاص الحى لأول مرة فى الشارع المصرى حماية لهم ليسوا رجالا، وكأن لاعب الكرة الذى مات برصاص البلطجية وهو يحرس بكل رجولة وفداء بيوت جيرانه وأهله ليس شهيدا.. كل هؤلاء لم يذكروا فى سجلات الشرف فى الثورة لأنهم لم يذهبوا إلى التحرير!

أمر آخر آلمنى هو "كارت" دم الشهداء، فقد أصبح دم الشهداء هو رأس مال كل من يطالب، فإذا نصح أحدهم بالنظر إلى المستقبل والعمل بجد قوبل بهجوم حاد وكيف أنه نسى دم الشهداء، وإذا رأى أحدهم أية حسنة فى شخصية من النظام طارده دم الشهداء من كل متحدث، وكأن دم الشهداء أصبح هو الفزاعة التى يحملها كل متسلق للوصول إلى مآربه، ولهذا أصبح من الصعب أن تطالب أى محتج فى أى شركة بالصبر لأنه سيقول: "حرام عليك يا أخى.. نسيت دم الشهداء اللى ماتوا عشان حقوقنا؟" وهذا لأن كل محتج يحمل دم الشهداء فى إحدى يديه وفى الآخر يافطة "عايزين علاوة".. وكيف يمكن لواحد من الثوار أن ينصح المحتجين والمضربين بالصبر لعدم زعزعة استقرار البلد كما يحدث الآن رغم أن هذا الثائر لم يستمع لأحد من قبل؟ هوه حضرتك اللى بتحدد امتى نقف وامتى نقعد؟

أما عن لهجة الاستعلاء فى بعض الثوار الجدد فحدِّث ولا حرج، لا تتعجب عندما تجد فتاة فى عمر الزهور تتحدث بمنتهى الاستعلاء عن الفريق أحمد شفيق مثلا قائلة "هوه كلمنى وقلتله شوف.. مبارك يمشى الأول وبعدين نتكلم" وغيرها وغيرها، بعد أن شعر هؤلاء أن شرعية الثورة معهم وأن الشعب بجميع طوائفه معهم تعالت لهجة الاستعلاء، وشعروا أن من حقهم تحقير كل من لا يتوافق مع توجهاتهم، فإذا كان مبارك على حد قول جميع الثوار كان فى المكتب المكيف أثناء حرب أكتوبر، فأعتقد أن الفريق شفيق وقتها كان على طائرته يحارب على الجبهة وهو لم يقدم استمارة فساد مسبقة للحكم عليه، وإذا كانت لهجة الاحتقار والاستعلاء هى السائدة بين الثوار ضد معارضيهم، فلماذا يثور الشباب عندما يقول عنهم الفريق أحمد شفيق أنه يريد أن يُحضِر لهم "بونبونى" رغم تفسيره لهذه الكلمة باحترام فيما بعد؟ وما الفارق بين لهجتهم الاستعلائية وبين قول مبارك عن البرلمان الموازى للمعارضة "خليهم يتسلوا"؟ أهى ثورة تمشى على نفس نهج من سبقها؟

لست مع من نادى بالأسف للرئيس مبارك لأنه "بابا" المصريين، فهو فى نظرى رئيس حكم مصر، لا بد أن يتم التعامل معه فى هذا الإطار، إذا ثبت خطؤه لابد من عقابه وعدم التفريط فى دم الشهداء ولا حق المظلومين، ولابد من القضاء على كل رموز فساد نظامه واحدا واحدا، ولكن هذا لا يعنى أن أفنى عمرى فى هجائه وسبه، وأن أبقى مرابضا على ذكرى أرض الثورة لا أرى إلا ما حدث ولا أفكر إلا فى محيطها، متناسيا أن الثورة تستلزم العمل على استثمار نجاحها والعمل على إدارة عجلة التقدم مع عدم التفريط فى أى حق من حقوق الشعب وبالطبع فى دم الشهداء.. من أراد أن يعارض فأهلا وسهلا، ومن أراد أن يصرخ بحبه لمبارك فأهلا وسهلا.. أليست هذه هى الديمقراطية التى ينشدها الجميع؟ أم أن الديمقراطية لابد أن تكون متمثلة فقط فى الطرف الأقوى فى أى نزاع، منزوعة الأظافر فى الطرف الأضعف من أى حوار؟

ربما بعد كل هذا الكلام يتبادر إلى ذهنك بعض الأسئلة تجاه كاتب هذه السطور.. هل كان مع الثورة؟ هل ذهب إلى ميدان التحرير؟ هل أصيب؟ هل تبرع بالدم مثلا للمصابين؟ ماذا فعل للثورة ليتحدث عن ثوارها بهذه الطريقة؟ ولأننى أعلم علم اليقين أن إجابتى _للأسف_ ستغير رد فعلك فى التعامل معى رغم أن هذا خطأ شنيع، ولأننى مهذب بطبيعتى _أو هكذا أعتقد_ فسأكتفى بقولى "ملكش دعوة".. تاركا فرصة واحدة لكل من يسأل قبل أن يسب أو يعترض أو يسخر ليكتشف حقيقة نفسه، كل ما عليك عزيزى السائل المناضل أن تقف دقيقة أمام المرآة وأمام نفسك، تَطهَّر من كل مزايداتك ومصالحك، تخلَّص من كل عقد النقص والغلّ المغروسة داخلك، اعترف بزيف مواهبك وبالتسلق على أكتاف الشرفاء إن كنت فعلت ذلك.. واسأل نفسك سؤالا واحدا: هل قدمت فعلا شيئا للثورة؟

الجمعة، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٠

الطعمجى، والدستور.. وإبراهيم عيسى!


يدهشنى عم "أحمد الطعمجى" الذى يقبع محله على ناصية الشارع الذى أسكن فيه، فالرجل منذ أن أصبحت زبونه الدائم الذى يعزف كل يوم أمامه ملحمة الحاجة للفول والطعمية الخالدة لكل عازب، وهو يجيبنى دائما "اؤمر يادكتور مصطفى".. كنت أتعجب دائما من الثقة التى ينادينى بها عم "أحمد" الطيب، وأبحث فى نفسى عن أى علامة تقنع الآخرين بأن اسمى "مصطفى" أو أننى "دكتور" فلم أجد!

ربما لأننى الوحيد الذى يسبق طلبات الفول والطعمية بـ "لو سمحت" وسط أناس يسبقون طلباتهم بسيمفونيات صوتية احتجاجية لا تقدر عليها حنجرتى الضعيفة ولا أنفى المتواضع، ربما لأننى الوحيد الذى ما زال محتفظا بتسريحة الشعر "على جنب" وكأننى الوريث الوحيد للأخ "عماد حمدى" صاحب أشهر "نينا" فى التاريخ، مما يخدع عم "أحمد" ببعض الاحترام والأدب الزائف، ربما لأن عم "أحمد" يمر ببعض الأزمات الصحية التى تستلزم وجود طبيب على أن يكون اسمه "مصطفى" وقد توسم فى العبد لله أن يقوم بهذا الدور!

وأيا كان السبب،فالحق أقول إن عدوى الإصابة بـ "الدكترة" أمام عم "أحمد" قد انتابتنى لفترة، فصرت أتعمد الذوق المفتعل، والهدوء الممل، وأهرش خلف أذنى وكأننى أضبط "النظارة الوهمية"، وأسرح بنظرى فى الفضاء هائما مفكرا إذا سألنى إن كنت أريد الفول سادة أم "محوّج".. حتى قررت أن أصارح الرجل بسوء تخمينه وفساد ذكائه، انتظرت حتى صرنا وحيدين فى المطعم وقلت له: "على فكرة أنا مش دكتور ياعم أحمد".. كانت الصدمة شديدة على الرجل ولكننى لم أرحمه وتابعت بانتقام "وكمان اسمى مش مصطفى".. ولما سألنى مهزوما عن وظيفتى أخبرته بأننى كاتب صحفى.. لحظات وابتسم ونادى على صبيته جميعا ليزف إليهم البشرى "مش الدكتور مصطفى طلع صحفى ياعيال؟"!

- طب وانت بتكتب فى جورنال إيه بقى؟

- فى الدستور

- آآآه.. عارفها.. بتاعة إبراهيم عيسى اللى بيضحك علطول أبو شنب كبير ده.. الراجل ده بيسلخ الحكومة مش بيهمه حد.. لا فارق معاه ريس ولا ابن ريس.. راجل محترم بصحيح.. وبيقول للحمار انت حمار فى وشه!

كان تعريف الرجل لإبراهيم عيسى بسيطا مرحا، كدت أن أصحح له قوله بأن الدستور ليست "بتاعة" إبراهيم عيسى.. الدستور ليست لفرد.. الدستور لكتيبة كاملة من الصحفيين الأفذاذ الشرفاء الموهوبين.. الدستور لهؤلاء الذين يتحملون ظروفا مادية ومعنوية تتداعى أمامها الجبال بكل صلابة وإيمان.. ولكننى تراجعت.. تذكرت تلك الآلة المبهرة التى يقوم فيها كل جزء بدوره المرسوم، وكل ترس بدورته المستديمة، ولكنها مهما تعاظمت إمكانياتها فهى بحاجة دائما لمصدر طاقة يلهمها ويدفع الحركة فى أسلاكها، لتبهر الناظرين وتؤدى عملها على أكمل وجه، فلم أستطع أن ألوم عم أحمد عندما نسب الدستور إلى "إبراهيم عيسى"!

توالت الأيام وكان سؤال عم أحمد دائما "ازيك يادكتور مصطفى.. أخبار إبراهيم عيسى والدستور إيه؟".. كان سبيلى فى الصبر عليه هو إيمانى بأن هذه هى الأيام الأخيرة التى سأقضيها فى هذا الشارع متوجها إلى شقة الزوجية فى منطقة أخرى، ورغم أن صاحب محل الكهرباء بجوار شقتى الجديدة قال لى "اؤمر يا باشمهندس عادل" إلا أن هذا كان أرحم من تحية عم "أحمد" اليومية!

سألنى عم "أحمد" ذات يوم: أخبار إبراهيم عيسى يادكتور؟

- أقالوه ياعم أحمد.. رفدوه

- ومين ده اللى يقدر يرفد الراجل الكبَّرة ده؟

- السيد البدوى

كانت صدمة الرجل شديدة هذه المرة.. ولما تمالك نفسه قال فى ذهول: أنا قلت كده برضه.. محدش يقدر على إبراهيم عيسى ده إلا ولى من أولياء الله.. السيد البدوى بنفسه رفده؟؟ شيء لله ياسيد!

- ياعم أحمد ده رجل أعمال مش السيد البدوى بتاع طنطا.. سيبك م الحمص وخليك معايا

- بس برضه إبراهيم عيسى كان بيشتم التخين.. مش معقول واحد بس يقدر عليه

- ماهو كان معاه رضا إدوارد

- أيوة كده.. أنا قلت الكترة تغلب الشجاعة.. وبعدين إدوارد ده أسمع عنه.. بتاع بولاق.. راجل شرانى.. طب والجورنال عامل إيه دلوقتى يا دكتور مصطفى من غير أبو عيسى؟

- مايسواش بصلة دلوقتى ياعم أحمد.. مفيش جورنال من غير الصحفيين بتوع الدستور.. دول سر الخلطة.. زى خلطة الفول بتاعتك كده

- بس شوف يادكتور مصطفى.. أنا لو منك شوف الجورنال الجديد.. جايز يبقى حلو.. ويبقى أحلى كمان.. أنا مرة غبت عن المحل.. الواد ابنى عمل خلطة تانية للفول طلعت أحلى.. جرب كده وابقى قول لى

ظلت كلمات عم "أحمد" فى أذنى وأنا فى طريقى إلى شقتى الجديدة.. صحيح.. ليه لأ؟ الطريق فى المترو إلى شقتى الجديدة يحتاج إلى ساعة كاملة.. أشترى الدستور وأحكم.. وفى أسوأ الظروف سأحل الكلمات المتقاطعة والسودوكو.. توجهت إلى بائع الجرائد ووجدت الدستور بجوار روز اليوسف.. كان أشد ما يؤلمنى هو حيرتى بين شراء الدستور وروز اليوسف(!) أخذت الدستور وجلست فى المترو أتصفح الجريدة.. لا يوجد عنوان واحد يستحق القراءة.. لا يوجد خبر واحد يستحق إضاعة الوقت.. لا توجد صورة واحدة تستحق الإعجاب.. لا توجد قفشة واحدة تستحق الضحك.. لا يوجد جورنال يستحق الشراء.. ضاعت فلوسك يا دكتور "مصطفى"!

قلت فى سرى إن لم يكن للجورنال فائدة فعلى الأقل متع نفسك بالكلمات المتقاطعة والسودوكو.. أعتقد أن مثل هذه الأشياء لا تندرج تحت بند تغيير السياسة التحريرية(!).. وكانت المفاجأة أن الجورنال لا يحتوى على كلمات متقاطعة أو سودوكو أصلا.. كدت أجن.. إن "ميكى" تحتوى على سودوكو وكلمات متقاطعة.. أبوس إيديكم الجنيه هيروح عليا!

وهكذا ولأول مرة فرشت جورنال الدستور ليجلس عليه العمال فى شقتى الجديدة ولما عدت إلى عم "أحمد" فى آخر أيامى فى الشارع القديم وآخر زياراتى إليه نادانى من بعيد: - أخبار الدستور إيه يادكتور "مصطفى"؟

نكست رأسى وأجبته: البقاء لله ياعم "لطفى"!

السبت، ٧ أغسطس ٢٠١٠

حفل توقيع لعل وعسى


إن شاء الله هاتشرف بيكم فى حفل توقيع كتابى الجديد لعل وعسى

يوم الاثنين 9 أغسطس

الساعة السابعة مساء

جاليرى كونست: 28 شارع شريف بجوارماكدونالدز شارع شريف بوسط البلد

لحبايبنا الأغراب عن القاهرة: انزل وسط البلد من أى محطة مترو (السادات_جمال عبد الناصر) واسأل أى حد عن شارع شريف

مستنيكم جميعا وماتتأخروش عن المعاد عشان الحر والزحمة.. محدش بيبقى طايق اللى جنبه حتى لو اللى جنبه كان غايب أساسا
صباحكم فل

ورمضان كريم

السبت، ٢٤ يوليو ٢٠١٠

سبب الغياب


كتابى الجديد
إن شاء الله خلال أيام
صادر عن دار مزيد
دعواتكم

الخميس، ٨ يوليو ٢٠١٠

عن برامج ضغط الدم أتحدث!


دعونا نتفق فى البداية أن جيلى _جيل الشباب_ ليس ناكرا للجميل، وأنه بالطبع كأى جيل يستمد خبرته وتجاربه من الجيل السابق ومن سبقه.. لدينا عين نبصر بها تجعلنا على دراية حقيقية _إلى حد ما_ بالغث والسمين.. نشأنا فى عصر الإنترنت والبلوتوث فسخَّر الله لنا ما قلَّص المسافة بيننا وبين أجيال كثيرة فى ضغطة زر.. نحترم مبدعينا السابقين ونقرأ ما خطته أيديهم بعين التعلم والاعتبار، وإن زادت عليها عين النقد والتمحيص أحيانا، هذه هى البداية التى أعتقد أنها ستغفر لى ما سأكتبه وحتى أوفر كلمات النقد التى ستطولنى إن تحدثت عن أحد من عظماء الماضى أو جيل المبدعين السابقين!
أصبحنا على مشارف شهر رمضان الكريم الذى أنزل الله فيه القرآن بينما أنزلت القنوات فيه المسلسلات.. ويكون سؤال الصالحين فيه: ختمت كام جزء لحد دلوقتى؟ بينما سؤالنا نحن: ختمت كام برنامج لحد دلوقتى؟.. ليس هذا حديثنا بالتأكيد فكاتب هذه السطور لا يختلف كثيرا فى ذنوبه عمن ينتقده، وإنما كنت أقصد أن خريطة البرامج بدأت تتضح كالعادة قبل شهر رمضان وصارت كل قناة تعرض ما لذ وطاب من منوعاتها الشيقة التى تحاول بقدر الإمكان وعلى قدر استطاعتها أن تصرف الناس بها عن شهر رمضان الحقيقى!
لم أتمالك نفسى بصراحة من الغيظ عندما شاهدت إعلان برنامج عن الشاعر (عبد الرحمن الأبنودى).. ربما لأننى كنت أتوقعه وأتوقع أمثاله من البرامج.. هل تريد أن تعرف نوعية هذه البرامج المتوقعة؟
برنامج عن عبد الرحمن الأبنودى.. سيتكلم فيه عن أمه وذكرياته معها وأنها هى التى جعلته يحب الأمثال الشعبية والحكى.. وعلاقته بأمل دنقل الشاعر الكبير.. وصداقته وقربه من عبد الحليم حافظ.. وذكرياته أيام حرب السويس ووجوه على الشط.. وعلاقته بزوجته نهال كمال وبنتيهما اللتين رزقهما الله بهما على كبر.. ويتبع ذلك بقصيدتى (يامنة) و(جوابات حراجى القط)!
برنامج عن أحمد فؤاد نجم.. سيتكلم فيه عن عدد المرات التى اعتقله فيها النظام.. وعلاقته بعبد الناصر والسادات السيئة وسيقول حكمته الخالدة إن سجن عبد الناصر أفضل من سجن السادات الذى خرب البلد، وإن أيامنا الحالية أسوأ من جميع الأيام.. وسيحذف الجملة الأخيرة إن كان البرنامج على قناة مصرية وسيطلقها إذا كانت على قناة أخرى.. ليس خوفا بالتأكيد وإنما مراعاة للقواعد الإعلامية وسقف البرنامج.. وسيتحدث عن زوجاته وعزة بلبع وصافيناز كاظم وغيرهن.. وحكاياته مع الشيخ إمام.. وسيتلو بعد ذلك قصيدة (البقرة حاحا) أو (البتاع)!
برنامج مع يوسف القعيد.. سيحكى فيه ذكرياته مع الأستاذ هيكل الذى لم تنجب مصر مثله ولن تنجب أبدا مثله بعد ذلك _فى اعتقاده بالطبع_ وسيحكى عن بداية علاقته معه وكيف أن الأستاذ منتظم فى مواعيده ويشرب ويأكل ويقابل الناس مثل البشر العاديين.. وستأتى مجموعة صور له مع الأستاذ أو صور لمكتب الأستاذ!
برنامج مع عادل إمام.. يحكى كيف صعد سلم المجد حتى وصل لهذه المكانة _اللى أنا مش عارف هيه فين أصلا_ ويشتم فى حماس وحزب الله وسوريا.. ويحلف على ألف مصحف أنه يحب التوريث ويعشق الحكومة الحالية_أى حكومة حالية_ ويؤكد أن أفلامه هى تاريخ لحقيقة مصر وشعب مصر ولحم ممثلات مصر، وأنه يفهم فى الدين أحسن من أجدع شيخ فيك يابلد، ويتبع ذلك بنكتة حدثت له فى أحد المهرجانات الأجنبية _فى نفس المهرجان مع نفس الشخص كل مرة_ وينصح الشعب بالصبر على الحكومة خمسين سنة كمان واحنا هنشوف الخير اللى جاى.. ويتبع ذلك بمقتطفات من أفلامه ليتحول البرنامج إلى قبلات وأحضان وآهات وضرب على المؤخرات!
برنامج مع الفنانة أو الراقصة أو المخرجة الفلانية تستضيف فيه أصدقاءها من الوسط الفنى تسألهم عن العديد من الأشياء بالغة الأهمية فى حياتهم وفى تاريخ مصر المعاصر مثل علاقاتهم الجنسية قبل الزواج ونوعية الحبوب التى "بلبعها" كل منهم ليلة الدخلة وكيف يمارس الحب بعد الزواج مع امرأة أخرى بعيدا عن تضييق زوجته.. أشياء مفيدة فعلا ولكن بالنسبة لقناة قبرصية وليس على مائدة رمضانية لقناة عربية!
هل تريد أن أتحفك بكمية أخرى من البرامج والضيوف حتى تفهم مقصدى؟ مجموعة من الحوارات والبرامج كل مرة مع نفس الضيوف يقولون نفس الكلام بنفس النكت السخيفة ومشاعر العظمة المفتعلة التى لا ترقى إلى سمت التواضع المفترض مع أناس مثلهم بلغوا _على حد قولهم_ أعلى سلم المجد، يختلف كل مرة شكل الحوار.. فمرة تحاوره زوجته ومرة صديقه ومرة يقدم هوه نفسه ومرة يكون الحوار فى مكتبه أو بيته أو على النيل.. المهم أنه نفس الضيف ونفس الكلام!
سيسألنى البعض: وهل ترفض ظهور هؤلاء على الشاشة أو إعطاءهم حقهم؟ والإجابة هى الرجوع إلى افتتاحية المقال.. بالطبع لا.. ولكن كل ما أرجوه أن يكون كلامهم متجددا وفى موضوعات مختلفة تهم المشاهد.. موضوعات تزيدنى قوة وتحملا فى هذا الواقع المرير.. سأسعد كثيرا إذا أعطانى أى منهم دفعة ولو صغيرة فى هذا الواقع ولكننى سيركبنى "العصبى" إذا وجدت أن كل كلامهم عن نبوغهم وتاريخهم المشرف وقدراتهم الخارقة التى فاقت قدرات أدهم صبرى!
ما الذى ينفعنى من مجرد الاستماع إلى حكايات صعيدية حدثت منذ خمسين عاما بين أم وابنها وحكايات بين الشاعر وعبد الحليم وخاصة إذا كان كل منا قد رضع هذه القصص مع لبن أمه؟ ما الذى ينفعنى عندما أستمع إلى ذكريات فى المعتقل كدنا أن نحلم بها من كثرة ما شاهدناها وسمعناها؟؟ إذا كان هؤلاء النجوم بالفعل ممن كونوا ذاكرة الشعب المصرى أثناء حقبة من التاريخ، فواجبهم يفرض عليهم أن يبتعدوا قليلا عن الذاتية وأن يلتفوا حول الشعب ليلتف حولهم الشعب.. ويطرحوا رؤيتهم للأحداث.. يطرحوا الرؤية من جيل عاصر زخما من الأحداث طوال تاريخه لجيل لم يعش حدثا واحدا يلتف حوله فى هذا العصر الأفقى بلا منحنيات.. رؤية شاملة على واقع مرير من الواجب أن نسطره نحن!
ولتتأكد من أن كل هؤلاء قد انفصلوا عن عالمنا، عد أنت إلى الإبداع الأخير لكل منهم أو لغيرهم.. انظر إلى القصائد الأخيرة للشعراء الكبار.. والأفلام الأخيرة للفنانين الكبار.. والكتابات الأخيرة للكتاب الكبار.. وهكذا.. ستجد أنها أسوأ ما أبدع كل منهم.. ولهذا فقد رضخ كل منهم لقدرته المحدودة الآن.. وآثر أن يكون وجوده على الساحة مجرد استرجاع لماض.. مجرد ملأ خانات برامج المنوعات للكلام عن ماضيه وذكرياته!
انظر إلى المبدعين الحقيقيين، ستجدهم إلى آخر حياتهم آثروا أن يكونوا مع أدبهم وعلمهم وموهبتهم إلى آخر نفس.. فخلدهم الأدب والعلم بفضل الله ورفعتهم الموهبة إلى عنان السماء.. أما الذين ضاقت بهم موهبتهم وصار كل اعتمادهم على تاريخهم الذى صنعوه فى فترة كانت تشتاق أساسا إلى أنصاف المواهب فإنهم وجبة دورية على مائدة رمضان وفقط!
وحتى لا يتهمنى أحد القراء الاتهام المعروف والمشهور فى مثل هذه المقالات: طب وانت عملت إيه يعنى أو انت مين فى مصر؟ سأجيبه مسبقا: أنا مستمع ومشاهد عادى جدا.. شاب مصرى بسيط.. ولتفترض أننى غير مبدع بالأساس.. ولكن لى الحق على الأقل أن أقول لكل هؤلاء الذين لا يجدون إبداعا غير الكلام فى القنوات وصفحات الجرائد.. لكل هؤلاء الذين صدعوا رؤوسنا بتجاربهم التى لا تناسبنا ولا نناسبها.. لكل هؤلاء الذين يحشرون رؤوسهم سياسيا واقتصاديا فيما لا يفهمونه لمجرد أنهم من الفنانين الكبار.. لكل هؤلاء الذين تركونا نعانى من أزمات البطالة والزواج وتلوث المياه وطوابير العيش والغاز وحالات الانتحار الجماعى كراهية فى الحياة وأتحفونا بضحكاتهم وهم فى الاستديو المكيف وأمامهم المياه المعدنية والعصير.. لكل هؤلاء أقول لهم: حرام عليكم.. صدعتونا!

الجمعة، ٥ فبراير ٢٠١٠

فى المعرض

كل سنة وانتوا جميعا بخير وطيبين

الناس اللى بتكتب نوعين:

نوع بيبقى ربنا بيديله موهبة من صغره فيفضل عايش بيها من غير تطوير ولا استفادة من غيره.. فتبدأ تبهت وتضيع أو على الأقل تفضل زى ما هيه.. فتبقى النتيجة ان صاحبها برضه يضيع فى ظل تطور الكتاب الموهوبين التانيين.

ونوع حاسس انه لسة محتاج.. فبدأ يبحث ويقرأ ويتطور مرة بعد مرة.. ما يخجلش انه بيتعلم من ده وده.. وبيحاول انه ياخد من كل كاتب أحلى ما فيه عشان يخلط ده كله فى خلطة خاصة بيه هوه.. وتبقى النتيجة انه بيتطور بسرعة ويوصل لمستوى لسة غيره مش قادر يحققه.. بثقته بنفسه واحترامه لقدراته ورغبته فى التفوق.

أنا شخصيا باحب النوع التانى جدا.. ومنهم أحمد الصباغ

مش باحب اكتب موضوعات عن حد كتير.. بس هاعتبر البوست ده تهنئة منى لأحمد الصباغ.. وكمان دعوة لحضراتكم لحفل توقيع كتاب أحمد الصباغ الساخر فى معرض الكتاب (الضرب فى الميت) الصادر عن دار المصرى للنشر.. وده هيبقى إن شاء الله بكرة السبت 6 فبراير.. فى جناح دار ليلى الموجود فى سراى كندا الساعة أربعة ونص..

ومش هانسى طبعا إن فى نفس المعاد ومع أحمد هيبقى فيه حفل توقيع للكاتبة الساخرة سحر غريب وكتابها (تعيش وتاخد غيرها)..

إن شاء الله هاتشرف بوجودى معاهم ومعاكم وهاكون موجود فى المعاد أبارك لأحمد وسحر (على الكتب طبعا)..

وربنا يوفقهم ويوفقكم جميعا

الأربعاء، ٢٧ يناير ٢٠١٠

تحقيق مع جاموسة!


قررنا اليوم فتح باب التحقيق مع الجاموسة المتسببة فى حادث قطار العياط.. المتهمة أتت إلينا فى سيارة نصف نقل متأخرة نصف ساعة لأنها كانت مشغولة فى سوق البهائم صباحا


س: اسمك؟

ج: جاموسة


س: أين كنت قبل لحظة وقوع الحادث ياجاموسة؟

ج: بعد إذنك يابيه بلاش شتيمة وقلة قيمة.. إيه جاموسة دى؟


س: هذا اسمك المسجل لدينا.. أكرر.. أين كنت قبل لحظة وقوع حادث القطار؟

ج: أنا كنت فى الغيط بتاع صاحبى الحاج حمدان وقاعدة آكل ومزاجى عنب ومكنتش اعرف ان هيحصل ده كله


س: وما الذى حدث؟

ج: أنا قلت اروح اسلِّم على الجواميس اصحابى فى غيط الحاج طلبة اللى على الناحية التانية من القطر عشان سمعت من ناس ان فيه أمراض جديدة وصلت للبهايم.. قلت اروح اتطمن.. أينعم وزارة الزراعة نفت الموضوع.. بس هوه مين فينا اللى بيصدق الحكومة يابيه؟


س: وما الذى حدث بعدها؟

ج: كنت ماشية على مهلى عادى وانا على شريط القطر لقيت فيه حتة صفيحة جاية من بعيد


س: هل تقصدين القطار؟

ج: يابيه أنا بصراحة ماعرفتش انه قطر إلا من زمارته.. إنما هوه باين من بعيد انه صفيحة زى بتاعة السمنة كده.. وكان فيه ناس كتير متشعلقين فيه من كل جانب.


س: ولماذا لم تتحركى بعيدا عن القطار؟

ج: يابيه وأنا هاخاف ليه بس؟؟ أنا لا خدت فلوس من بنوك وهربت، ولا خدت رشوة فى مشروع "ابنى بيتك"


س: ولماذا لم تفعلى ذلك؟

ج: عشان أنا مش محتاجة بيت.. أنا ساكنة فى دوار الحاج حمدان


س: لا أقصد ذلك.. أقصد لماذا لم تتحركى من أمام القطار؟

ج: يابيه هوه فيه قطر يخاف من جاموسة؟ ليه هوه قطر لعبة؟؟ المفروض ان أنا اللى اخاف من القطر.. بس بصراحة لقيت شكله ميخوفش وباين عليه عايز إعادة هيكلة.. قلت يابنت امشى على مهلك


س: وماذا حدث بعد ذلك؟

ج: لقيت القطر وقف أول ما السواق شافنى


س: ولماذا توقف القطار؟

ج: الشهادة لله أنا قلقت وتخيلت اننا فى الهند والسواق هندوسى.. بس رجعت وقلت فوقى يابت.. انت ف مصر.. والدليل القطر الصفيح اللى قدامك ده!


س: وهل توقف القطار كثيرا؟

ج: بصراحة سواق القطر كان راجل ذوق واستنى لحد ما مشيت على مهلى.. حد يلاقى دلع وما يتدلعش يابيه؟


س: وهل رأيت القطار الآخر؟

ج: وأنا بابص كده لقيت صفيحة تانية جاية من بعيد ورا القطر الأولانى وقاعدة تزمر برضه.. حاولت انبِّه سواق القطر وقعدت أجعَّر بصوتى وكل ما اجعَّر يشاور لى ويقول لى: امشى براحتك على أقل من مهلك


س: وما الذى حدث بعدها؟

ج: القطر التانى لبس فى القطر الأولانى ومات شوية ناس كده


س: كم عدد المصابين والقتلى؟

ج: أنا مش عارفة العدد بالتحديد بس بيتهيألى انهم أقل من عدد الغرقانين فى عبارة السلام ومن عدد المحروقين فى قطر الصعيد اللى فات ومن عدد معتقلى الإخوان.. وأكتر من عدد المحروقين فى قصر ثقافة بنى سويف.. يعنى ممكن كده يبقوا قد اللى انتحروا السنة اللى فاتت من الفقر!


س: يبدو أنك مهتمة بأحوال البلد السياسية؟

ج: كله حصرى على التليفزيون المصرى.. والبركة فى النايل كوميدى والأستاذ عزب شو


س: هل كنت تتوقعين أنك ستكونين سببا فى إقالة وزير؟

ج: والله لو اعرف يابيه كنت جبت كل الجواميس اصحابى بعدد الوزرا!


س: هل أنت منضمة لإحدى الحركات المعارضة؟

ج: كفاية يابيه


س: إذن أنت تعترفين بانضمامك لحركة كفاية؟

ج: يابيه انا اقصد كفاية أسئلة.. هيه الواحدة ماتفكش معاك بكلمتين؟


س: فى رأيك من المسئول عن هذه المأساة؟

ج: أولا أنا باسجل اعتراضى.. فين المأساة دى؟ دول شوية مصريين ماتوا.. وبعدين احنا متعودين ان كل سنة الحكومة تعمل لنا مفاجأة كده زى موضوع القطر عشان نعتبر ونتعظ ونقرب من ربنا ونتذكر الموت.. أنا باطالب الإعلام بعدم تهويل القضية وياريت نلتفت لمشاكل البلد الكبرى والتحديات المقبلة زى مباراة مصر والجزائر.. بلاش تشويه لسمعة مصر بقى!


س: ما الشيء الذى ندمت عليه بعد هذه الحادثة؟

ج: إنى لحد دلوقتى ما اتطمنتش على البهايم اللى ف غيط الحاج طلبة!


س: هل لديك أقوال أخرى؟

ج: أنا بس عايزة أطمن زملائى: الأخ "ماس كهربائى" والأخ "مختل عقليا".. إن الحمد لله الضغط خف عليهم وبقينا فى الهوا سوا.. واننا هنحاول الفترة الجاية نقسم المصايب علينا عشان الشعب يصدق.. مرة ماس ومرة مختل ومرة جاموسة.. وهوه ده الفكر الجديد!


س: لقد تسببت فى مقتل العديد من شعب مصر والسخط فى كل أرجاء المحروسة.. فلماذا فعلت كل ذلك؟

ج: "من أجلك أنت" يابيه!